فيروس إيبولا... أسبابه , أعراضه وهل وجد له علاج ؟!







يستمر ڤيروس إيبولا باجتياحه لغرب أفريقيا. ومع تسجيل 1603 إصابات حتى الأسبوع الماضي، لا تلوح في الأفق حالياً 

أيّة بوادر تشير لتباطؤ انتشار هذا الوباء، خاصةً وأنّ أكثر من نصف المصابين قد أصبحوا في عِداد الموتى.
 

  إن كل حالة عدوى جديدة تزيد من فرص الڤيروس في التأقلم مع جسم الإنسان. ورغم أن هذا التفشّي اليوم يُعدّ الأضخم 

مقارنةً بالتفشّيات السابقة لهذا المرض، إلاّ أنه لا يوجد ما يشير لإمكانية تسبّب إيبولا بوباء عالمي.

و لعلّ ما يساهم في جعل هذا الهجوم أكثر فتكاً هو عامل التمدّن (أو ما يُعرف بالحضريّة: أي انتقال الناس للعيش في 


المدن، حيث يساهم الاكتظاظ و كثرة احتكاك السكان ببعضهم في انتشار العدوى بشكل أوسع، مقارنةً بالأرياف). و قد كان 

لهذا العامل دورٌ كبير في السابق في المساهمة بسرعة انتشار ڤيروس العوز المناعي البشري HIV.
 

يجدر بالذكر أن منظمة الصحة العالمية WHO ناقشت حجم الأزمة في اجتماعاتها الأسبوع الفائت ، و أعلنت أن تَفَشّي 

الإيبولا يمثّل حالة طوارئ تهدّد الصحة العامة حول العالم.

إلاّ أن احتواء الأزمة مازال في الإمكان؛ حيث أن الڤيروس ينتقل فقط من الأشخاص ذوي الأعراض الشديدة، مما يُسهل 


إمكانية تحديد المصابين و القيام بعزل كل من احتكّ مع شخص مصاب. كما أن خطر الإصابة لا يزال ضعيفاً نسبياً؛ حيث 

انّه لحدوث العدوى يجب التعرض لسوائل الجسد من المُصاب

 و تقدّر فترة الاحتضان ب 21 يوماً.
 

كما يُخشى أن يتّخذ الڤيروس أنماطاً جديدة ذات قدرة أكبر على الانتقال. إلاّ أنه لا دلائل تشير لذلك حتى الآن.

بناءً على كل ما سبق، تُستبعد إمكانية حدوث تفشٍّ واسع للمرض في الدول المتقدمة.

الحالات السابقة من تفشّي إيبولا تمركزت في وسط أفريقيا، حيث يُعتقد أن خفافيش الفاكهة تحمل الڤيروس. وهذا النوع 


من الخفافيش يعيش أيضاً في المناطق الموبوءة من غرب أفريقيا

كانت أغلبية المصابين تعاني من أعراض شبيهة بالإنفلونزا، والحمّى والتقيؤ والإسهال، ثم الوفاة كنتيجة لنقص السوائل. 

وهو ما يُشبه أعراض الإصابة بالملاريا وحمى لاسا.

إذاً، ما الذي ساهم في تفشّي المرض لهذه الدرجة ؟
1-

 قد يكون التمدّن هو فعلاً العامل الأساسي في هذه الحالة. خاصةّ إذا علمنا أن القارة الأفريقية امتلكت أعلى معدّلات "النمو 

الحضري" ل 20 عاماً. حيث أن نسبة الأفريقيين الذين يقطنون المدن لا تزال في ازدياد مطّرد مقارنةً بمن يسكنون في 

القرى.في المدن، تساهم كل من الكثافة السكانية العالية و نمط الحياة المدني، في انتقال العدوى بشكل سريع جداً.

2-
التصحّر، وتغيّر النظام البيئي في الغابات، قد ساهما أيضاً في رفع وتيرة انتشار المرض؛ حيث أن التصحر يدفع 


الخفافيش للهجرة و الانتقال إلى مناطق أخرى، حاملةً الڤيروس القاتل معها.
 

إضافةً إلى ذلك، تلعب الحروب في ليبيريا و سيرا ليون، والفساد في غينيا، دوراً هاماً في دفع الناس للهجرة أو النزوح، 

مساهمين أكثر في انتشار المرض.

تركيب الفيروس القاتل:

توجد خمس سلالات من فيروس الإيبولا، أربع منها قاتلة، وأكثرها سمّية وفتكاً هي فيروسات سلالة زائير التي تنتشر 


حاليا بين سكان غرب إفريقيا.




 


يعتقد بأن الفيروس ينتقل عبر أنواع من الخفافيش تدعى "خفافيش الفاكهة"، حيث يصل إلى البشر عند تلقّيهم عضّةً منه، 
 
أو بحال التماس المباشر مع مفرزات جسمه أو أية كائنات أخرى سبق للخفاش أن هاجمها، كما يمكن أن ينتقل عن     

طريق تناول اللحوم غير المطهوّة جيداً والمخموجة بالفيروس.

ولكن.. هل من الممكن أن تحدث العدوى عن طريق الهواء؟
 
لا يوجد أي دليل يثبت إمكانية انتقال الفيروس عبر الهواء، فوفقاً لدراسة أجراها مؤخراً الباحثGary Kobinger في 


جامعة Manitoba الكندية، فإن الطريقة الوحيدة لانتقاله هي بالتماس المباشر مع مفرزات الجسم المصاب.

فإذاً لِمَ كلّ هذه الشكوك والمخاوف؟ ولماذا انتشر الهلع بين سكان الولايات المتحدة حول إمكانية اجتياح الوباء لبلادهم 


عندما تم نقل الأمريكيَّين المصابَين بالفيروس من ليبيريا إلى أطلنطا؟

تشير التقارير إلى أن نفس العالم السابق قد اعتقد مسبقاً بهذا الاحتمال. حيث نَشر في عام 2012 تقريراً عن تجربةٍ أجراها 


على الخنازير المصابة وسلالات سليمة من القرَدة. حيث أمكن انتقال الفيروس من الخنازير إلى القردة بمجرد وضعها 

بجانب بعضها دون الحاجة لأي تماسّ مباشر. إلا أن الأبحاث أثبتت فيما بعد عدم إمكانية انتقال الفيروس من القردة 

المصابة إلى السليمة بهذه الطريقة.

بمجرد وصول الفيروس إلى الدم، يقوم بتحفيز كريات الدم البيض لتزيد إفرازها من السيتوكينات "وسائط نقل كيميائية في 


الجهاز المناعي"، وهذا الإفراز الهائل من السيتوكينات أو ما يدعى "عاصفة السيتوكينات" يضعف الخلايا الظهارية 

المبطّنة لجدران الأوعية الدموية، مؤدّياً إلى ارتشاح الدم من جدرانها وهبوط الضغط الدموي بشكل صاعق لينتهي الأمر 

بحالة من الصدمة.

بحال إصابتك بالفيروس، ستشعر بحمّى مفاجئة وألم في العضلات ووهن وصداع والتهاب حلق وإقياء وإسهال. كما 


ستتدهور وظائف الكلى والكبد بانتشار الخمج في الجسم مما قد يؤدي لنزيف داخلي وخارجي، وعندها يكون الفيروس قد 

انتشر في الدم وسوائل الجسم الأخرى.

لايوجد حالياً أي علاج لفيروس الإيبولا، ولكن يمكن التعافي من الإصابة إذا تم حقن الجسم وريدياً خلال مرحلة مبكرة 


بسوائل لتعويض التجفاف الذي سبّبه النزيف والإقياء والإسهال.

الصراع الطويل لإيجاد علاج:

كان التقدم بطيئاً للغاية في المعركة الدوائية والعلاجية ضد فيروس الإيبولا، حيث يتم اختبار العديد من اللقاحات والأدوية 


المحتملة على الحيوانات وفي الدراسات السريرية، إلا أن اتخاذ إجراء فعال على أرض الواقع يبقى صعباً لتفشّي العدوى 

بشكل لا يمكن التنبؤ به أو احتواؤه.

في الأسبوع الماضي، تم تجنب الدخول في الطور السريري للمرض عندما تلقّى مبعوثان مصابان بالفيروس علاجا  


تجريبياً دُعي ZMapp . ففي خطوة غير اعتيادية، تم إعطاء كلا المبعوثَين جرعةً من الدواء الذي تم نقله بالطائرة من 

الولايات المتحدة الأمريكية إلى ليبيريا.

(ZMapp)
هو خليط من ثلاثة أضداد وحيدة النسيلة (monoclonal antibodies) تم اختبارها مسبقاً على القردة 


المصابة فقط. منع هذا الدواء الفيروس من دخول الخلايا ومهاجمتها. وقد ورد أن حالة المبعوثَين المصابَين قد استقرّت مما 

مكّنَهما من الرجوع إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي المزيد من العلاج.

العلاج الوحيد لفيروس الإيبولا والذي أصبح من الممكن اختباره على البشر يتضمن الحمض النووي الريبي RNA. وهذه 


الطريقة تعتمد على استخدام جزيئات من ال RNA لمنع الحمض النووي منقوص الأوكسجين DNA من تركيب 

البروتينات، وبالتالي الحدّ من تكاثر الفيروس. 

تمكّن الدواء المذكور والذي يدعى TKM-Ebola من علاج القردة المصابة عندما حُقِن فيها خلال 30 دقيقة من حقنها 


(إصابتها تجريبياً) بالفيروس. وعلى الرغم من هذا، أُوقِفت اختبارات السلامة على البشر بشكل مؤقت ريثما يتم تقديم 

المعلومات الكافية من قبل المصنّعين إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) حول استجابة الجهاز المناعي للجرعات 

العالية من الدواء.
 

  والحل الأفضل يتمثّل في إيجاد لقاح

المصدر 

تعليقات